أخبار
شرح: كيف تعم فائدة الاستثمار في النساء والفتيات على الجميع؟
- 06 مارس 2025
أخبار
الأمم المتحدة، نيويورك - الحق في الدراسة. الحق في الالتحاق بالقوى العاملة. الحق في التصويت. الحق في فتح حساب بنكي. الحق في اختيار إنجاب الأطفال. الحق في استخدام وسائل منع الحمل - من عدمه. الحق في العيش دون عنف. الحق في الموافقة على ممارسة الجنس أو رفضها. الحق في الزواج - متى تشاء، ومع من تشاء. بالنسبة للنساء والفتيات، هذه الحقوق بعيدة كل البعد عن أن تكون مضمونة، ومازال على الكثيرات الكفاح للدفاع عن هذه الحقوق.
اِستُردت حقوق النساء على مدار عقود من المناصرة، والاتفاقيات العالمية، وإصلاح السياسات، والتشريعات الدولية - وربما الأهم من ذلك، تنامي الوعي بالطرق التي تستفيد بها النساء والفتيات من المساواة بين الجنسين، ولا تقتصر الاستفادة عليهن فقط، بل تمتد لتشمل من جميع أفراد المجتمع.
ومع ذلك، لا تزال النساء والفتيات يواجهن اليوم صعوبات، وعقبات، وعراقيل، بل وحتى تهديدًا بالعنف والسجن، عند دفاعهن عن حقوقهن الجنسية والإنجابية. وخطوات التقدم تُدفع إلى التراجع، لا سيما بالنسبة للفئات المهمشة والأشخاص الذين يمرون بأزمات إنسانية.
لماذا؟ ربما يكمن أحد الأسباب في الفهم الخاطئ بأن المساواة بين الجنسين لا تفيد إلا النساء والفتيات. في الواقع، المساواة بين الجنسين تفيد الجميع. نستكشف أدناه ثلاثة أسباب تدفع العالم إلى الاستثمار في حقوق المرأة لضمان التقدم للجميع.
يُعدّ العنف ضد النساء والفتيات أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً في العالم. فكل ثلاث ثوانٍ، تُزوّج فتاة مراهقة في مكان ما من العالم. وتُقتل امرأة أو فتاة كل عشر دقائق على يد شريكها الحميم أو أحد أفراد أسرتها. وتعرضت حوالي واحدة من كل ثلاث نساء حول العالم للعنف الجسدي و/أو الجنسي في حياتها. وأوضحت دافني أكينو، وهي أخصائية نفسية تعمل مع صندوق الأمم المتحدة للسكان لتوفير المعلومات والخدمات الصحية الأساسية للنساء من السكان الأصليين في منطقة الأمازون البيروفية، قائلةً: "العنف القائم على النوع الاجتماعي ليس مجرد تمييز، بل إنه يعني أيضاً الاغتصاب والقتل والضرب والإذلال".
تشير الدراسات إلى أنه في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، عندما ترتفع نسبة النساء المتضررات من العنف القائم على النوع الاجتماعي ولو بنسبة مئوية واحدة، ينخفض النشاط الاقتصادي بنسبة تصل إلى 8%، ويعزى ذلك أساساً إلى انخفاض معدلات توظيف النساء. مقابل كل دولار إضافي يُنفق على منع تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، ستُحقق عوائد بقيمة 10 دولارات بحلول عام 2050. وستُحقق الاستثمارات اللازمة لتجنب 230 مليون حالة زواج أطفال فوائد اقتصادية بقيمة 5.1 تريليون دولار بحلول عام 2050.
تُعد المساواة بين الجنسين خطوةً ضرورية نحو القضاء على العنف، وتحقيق ذلك لا يُساعد النساء والفتيات فحسب، بل يُحسّن بشكل كبير النتائج المُحققة للرجال أيضًا. تُظهر الدراسات أن المساواة بين الجنسين تُخفض معدلات وفيات الرجال، بما في ذلك عن طريق تقليل خطر الوفاة العنيفة بنسبة 40%.
هناك أدلةٌ كثيرة تُشير إلى أنه عندما تتمكن النساء من اختيار وسائل منع الحمل الأنسب لاحتياجاتها والحصول عليها، فإن ذلك يعود بفوائدَ جمة على المجتمع بأسره. فمع انخفاض حالات الحمل غير المقصود وحمل المراهقات، يُمكن لمزيدٍ من الفتيات مواصلة تعليمهن وتطوير مهاراتهن المهنية، مما يزيد من مشاركة النساء في القوى العاملة والمجتمع - مع نتائج أفضل للاقتصادات والسلام والأمن. تُظهر الدراسات أن مقابل كل دولار إضافي يُنفق على خدمات منع الحمل، تنخفض تكاليف الرعاية المتعلقة بالحمل ورعاية المواليد الجدد بمقدار 3 دولارات.
تعيش تاتو عمر شريف وزوجها مع أطفالهما الثمانية في جزيرة بيمبا، في زنجبار، بجمهورية تنزانيا المتحدة. تقول لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "لم ننوي أنا وزوجي إنجاب أطفال كُثُر -فوجئت بحملي مرة تلو الأخرى". عندما تعرّف الزوجان معًا على تنظيم الأسرة في إحدى العيادات، أدركا أن هناك طريقةً لتوفير مستقبلٍ أفضل. "نريد استخدام وسيلةٍ لتنظيم الأسرة حتى نتمكن من رعاية أطفالنا الحاليين جيدًا".
عندما يتمكن الجميع من إنجاب العدد المناسب من الأطفال، تصبح الأسر أكثر قدرة على تعليم هؤلاء الأطفال ورعايتهم، مما يؤدي إلى قوة عاملة أكثر صحة ومهارة وإنتاجية. في عام 2024، قدم صندوق الأمم المتحدة للسكان وسائل منع حمل بقيمة 139 مليون دولار أمريكي من خلال شراكة الإمدادات وحدها، مما وفر للدول 752 مليون دولار أمريكي من خلال خفض تكاليف الرعاية الصحية للحمل والولادة ورعاية ما بعد الإجهاض. وقد أدى ذلك إلى تجنب 9.9 مليون حالة حمل غير مقصود، ومنع 224 ألف حالة وفاة بين الأمهات والمواليد الجدد و2.97 مليون حالة إجهاض غير آمن.
الاستثمارات في الصحة الإنجابية لا تُقلل من وفيات الأمهات فحسب، بل تُقلل أيضًا من إصابات الولادة والمضاعفات الصحية، وتُعزز صحة الأمهات والمواليد على حد سواء. إن تعزيز تدريب ورعاية القبالة وحدهما كفيلٌ بتجنب أكثر من 40% من وفيات الأمهات، و39% من وفيات حديثي الولادة، و26% من حالات الإملاص - أي ما يعادل إنقاذ 2.2 مليون حياة سنويًا بحلول عام 2035.
تحدث أكثر من 60% من وفيات الأمهات في الأزمات الإنسانية والأوضاع الهشة، وهي أوضاع غالبًا ما لا تتمكن فيها النساء من الحصول على الرعاية والتغذية اللازمتين. بالنسبة لأمينة في السودان، كان بقاءها على قيد الحياة يعتمد على لطف - ومهارة - شخص غريب، أجرى لها عملية ولادة قيصرية على أرضية منزله. قالت لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "كان عليَّ البدء في المشي مرة أخرى بعد ست ساعات فقط، حاملةً طفلي بينما كان جرحي حديثًا ومؤلمًا".
عندما تموت الأمهات، يزداد احتمال وفاة أطفالهن أيضًا بنسبة كبيرة، وإذا نجا أطفالهن، فإنهم يعانون من سوء التغذية وسوء التعليم. ومع ذلك، مقابل دولار واحد يُنفق على تنظيم الأسرة وصحة الأم، يُحقق 8.4 دولار من الفوائد الاقتصادية. كيف؟ عندما تتاح للنساء الحوامل خدمات ذات جودة جيدة فيما يتعلق برعاية ما قبل الولادة وخدمات صحة الأم، تنخفض معدلات الوفيات والمضاعفات والإعاقة، مما يزيد متوسط العمر والإنتاجية، وأيضًا الصحة والرفاه عبر الأجيال. بشكل عام، تزدهر النساء والمجتمعات عندما يتمتعن بحرية اتخاذ قراراتهن بشأن أجسادهن ومستقبلهن.
لا مساواة بين الجنسين دون مساواة في الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية: تعتمد صحة النساء ورفاههن واستقلاليتهن على رعاية الصحة الجنسية والإنجابية. يعتمد التغيير الاجتماعي والتقدم على تمتع النساء بحقوق متساوية - وتمكينهن من المطالبة بها.
يقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان أن هناك حاجة إلى 222 مليار دولار لمنع وفيات الأمهات التي يمكن الوقاية منها بشكل تام، وتلبية كل الاحتياجات غير الملباة لتنظيم الأسرة، ولمنع للعنف القائم على النوع الاجتماعي والممارسات الضارة بشكل تام بحلول عام 2030.